روايه الرمال لا تحتفظ بالأسرار
![]() |
| روايه الرمال لا تحتفظ بالأسرار |
وصلوا للمكان المختار للتخييم بسيارة الدفع الرباعي، ونصبوا خيمتين، وأشعلوا النار للشواء. كان الجو رائعاً، والضحكات تعلو، وقصص الرعب المعتادة تُحكى حول النار.
"بيقولوا الصحراء دي مسكونة،" قال عمر وهو يقلب اللحم. "البدو بيقولوا إن الصخور دي كانت كائنات حية واتسخطت."
ضحك مازن: "كفاية خرافات يا عم، دي عوامل تعرية."
نام الجميع في منتصف الليل. مازن كان ينام في خيمة بمفرده، وعمر والبنات في الخيمة الكبيرة المجاورة.
استيقظ مازن فجأة. شعر بصمت غريب. ليس صمت الصحراء المعتاد الذي يتخلله صوت الريح، بل صمت "مطبق" كأنه في غرفة عزل صوتي. لا صوت ريح، لا حشرات، لا شيء.
نظر لساعته.. كانت متوقفة عند 3:33.
خرج من خيمته وهو يفرك عينيه. النار كانت قد انطفأت وتحولت لرماد بارد تماماً (وهو غريب لأنهم ناموا منذ ساعات قليلة).
نظر للخيمة المجاورة. كانت مفتوحة السوستة وترفرف بلا صوت.
"عمر؟ سلمى؟" نادى بصوت خافت.
اقترب ونظر داخل الخيمة.
فارغة.
أكياس النوم موجودة، ملابسهم موجودة، أحذيتهم موجودة.. لكنهم ليسوا هنا.
"أكيد خرجوا يتمشوا أو يصوروا النجوم،" حاول طمأنة نفسه.
بدأ يبحث عن آثار أقدامهم في الرمل الناعم حول الخيمة.
وجد الآثار. ثلاثة أزواج من آثار الأقدام الحافية تخرج من الخيمة، وتمشي في خط مستقيم نحو صخرة طباشيرية ضخمة تشبه "رأس الأرنب".
مشى مازن يتتبع الآثار.
بعد 15 متراً بالضبط.. توقفت الآثار.
لم تتلاشَ تدريجياً.. بل انقطعت فجأة وكأنهم تبخروا في الهواء، أو كأن طائراً عملاقاً انقض عليهم وحملهم للأعلى. الرمل أمام الآثار كان "ممسوحاً" وناعماً كأنه زجاج، بلا أي أثر لخطوة أخرى.
شعر مازن بالدوار. نظر للأعلى.. السماء لم تكن طبيعية. النجوم كانت "ثابتة" لا تلمع، وكأنها مرسومة على سقف قبة.
حاول العودة للسيارة ليشغل الكشافات.
وصل للسيارة.. لكنه وجدها "مدفونة" في الرمل حتى نصفها، وكأنها متروكة هناك منذ سنوات، والصدأ يغطي هيكلها!
"مستحيل! إحنا لسه جايين بيها امبارح!" صرخ مازن.
فجأة، لاحظ شيئاً في الصخور الطباشيرية البيضاء حوله.
الصخرة التي كانت تشبه "الأرنب".. تغير شكلها الآن وأصبحت تشبه "وجهاً بشرياً يصرخ".
والصخرة الأخرى التي كانت تشبه "الفطر".. اقتربت منه مسافة 5 أمتار عما كانت عليه.
الصخور تتحرك.. كلما أدار ظهره أو رمش بعينه، تغير أماكنها لتقترب منه وتحاصره.
أخرج هاتفه ليتصل بالنجدة. لا توجد شبكة طبعاً. لكنه لاحظ شيئاً في خلفية هاتفه (صورة التقطوها جماعياً عند الوصول).
نظر للصورة بدقة.
كانوا أربعة في الصورة (هو وأصدقاؤه).
لكن.. في خلفية الصورة، بين الصخور البعيدة، كان هناك شخص خامس.
شخص يرتدي زياً بدوياً قديماً جداً، ولونه "أبيض" كالصخور تماماً، وينظر للكاميرا بابتسامة واسعة مخيفة.. وليس له عيون.
رفع مازن رأسه ببطء، ونظر نحو الصخرة البيضاء التي تشبه الوجه البشري أمامه.
دقق النظر.
لم تكن صخرة.
كان وجه "عمر" صديقه.. لكنه تحول إلى حجر طباشيري أبيض، مندمجاً مع الأرض، وعيناه مفتوحتان برعب حجري أبدي.
وبجواره، بدأت تظهر ملامح "سلمى" و"نور" تبرز من الرمال كتماثيل بيضاء تتشكل ببطء.
سمع مازن همساً يأتي من كل مكان، من الرمال نفسها:
حاول مازن الركض. ركض بكل قوته بعيداً عن التماثيل، بعيداً عن السيارة الصدئة.
لكن الرمال تحت قدميه بدأت تتحول إلى سائل لزج أبيض.. مثل الجبس الطري.
غاصت قدماه.. ثم ركبتاه..
نظر ليديه، وجد جلده يبدأ في التصلب والتحول للون الأبيض الطباشيري.
صرخ صرخة أخيرة لم يسمعها أحد، قبل أن يتصلب فكه ويتحول هو الآخر إلى تمثال جديد يزين الصحراء البيضاء.. ينتظر المجموعة القادمة من السياح ليحكي لهم بصمته الأبدي قصة الأرض التي لا تشبع.
للكاتب / هيتشكوك مصر
اهداء الى الكاتب الكبير واﻻعلامى العظيم=ابراهيم عيسي
اهداء للكاتبه الكبيره فريده الحلوانى ومتابعيها
اشترك من هنا قصص لك الروايه اليوميه تابعنا اضغط من هنا👇

تعليقات: (0) إضافة تعليق