تاج كتاب النجاة الفردية

القائمة الرئيسية

الصفحات

كتاب النجاة الفردية

 


اهداء الى الكاتب الكبير واﻻعلامى العظيم=ابراهيم عيسي 

اهداء للكاتبه الكبيره فريده الحلوانى ومتابعيها          


روايه كتاب النجاة الفردية

وصل "ياسر" إلى فندق "واحة الغروب" في سيوة بعد رحلة شاقة استمرت عشر ساعات. كان ياسر كاتباً صحفياً مغموراً، يبحث عن الهدوء والسكينة لينهي كتابه الأول، أو ربما ليهرب من ديونه المتراكمة في القاهرة. الفندق كان مبنياً بالطراز السيوي القديم (الكرشيف)، جدران من الطين والملح، بلا كهرباء تقريباً، يعتمد على الشموع والفوانيس، مما يعطيه جواً ساحراً ومقبضاً في آن واحد.

كتاب النجاة الفردية


روايات اخرى

كان الفندق شبه فارغ لكونه خارج الموسم السياحي. لا يوجد سوى ياسر، وسائح ألماني عجوز دائم الصمت يدعى "هلموت"، وفتاة شابة غامضة تدعى "سارة" تجلس دائماً في الزاوية تقرأ، بالإضافة إلى "الشيخ منصور"، مالك الفندق العجوز ذو العين الواحدة.

في الليلة الثانية، ضربت عاصفة رملية عنيفة الواحة. انقطع الإرسال، وانعزل الفندق تماماً عن العالم. اجتمع النزلاء الثلاثة في البهو الرئيسي حول المدفأة الحجرية.
قال الشيخ منصور بصوت أجش وهو يصب الشاي السيوي الثقيل: "العاصفة دي مش عادية.. دي (رياح الخماسين السوداء). بتقعد 3 أيام، ومحدش بيقدر يخرج منها حي إلا اللي مكتوب له."

ضحك السائح الألماني بسخرية، لكن ياسر شعر بتوتر غريب.
انسحب ياسر لغرفته. وعلى الطاولة الخشبية بجوار سريره، وجد كتاباً لم يكن موجوداً من قبل.
كتاب قديم، غلافه من الجلد الأسود المتهالك، وبدون عنوان على الغلاف.
فتحه بفضول. في الصفحة الأولى، كُتب بخط اليد الأحمر القاني:
"كتاب النجاة الفردية.. قاعدة واحدة فقط: لكي تنجو، يجب أن يموت الآخرون."

ظن ياسر أنها مزحة سخيفة من مالك الفندق. قلب الصفحات. وجد تواريخ وقصصاً.
1985: نجاة "محمود" بعد حريق الفندق.. وموت 4 نزلاء.
1999: نجاة "سعاد" بعد تسمم غذائي جماعي.. وموت الجميع.
وفي الصفحة الأخيرة، وجد تاريخ "اليوم"، وأسماء النزلاء الحاليين: (ياسر، هلموت، سارة، منصور).
وأمام اسم ياسر، كُتب: "المرشح الأول".

أغلق الكتاب بقلب يقرع كالطبول. هل هذا تهديد؟
فجأة، سمع صرخة مدوية قادمة من الطابق الأرضي.
نزل مسرعاً. وجد "سارة" تصرخ وتشير نحو المطبخ.
دخلوا المطبخ ليجدوا "الشيخ منصور" ملقى على الأرض، وجهه أزرق، وعيناه جاحظتان. مات مخنوقاً.
بجواره، كان هناك كوب شاي مسكوب.
"تسمم!" صرخت سارة. "أنا شفته بيشرب الشاي ووقع!"

نظر ياسر لهلموت الألماني. كان ينظر للجثة ببرود غريب.
تذكر ياسر الكتاب: "لكي تنجو، يجب أن يموت الآخرون."
هل بدأ الكتاب "السيناريو"؟

عادوا للبهو، والشك ينهش في عيونهم. نحن ثلاثة الآن. العاصفة تعوي في الخارج، وجثة في المطبخ، وقاتل مجهول بيننا.
قال هلموت بلكنة ثقيلة: "أنا سأذهب لغرفتي وأغلق الباب. لا أثق بأحد."
صعد هلموت. وبقيت سارة مع ياسر.
كانت سارة تبدو بريئة، خائفة. "ياسر.. أنا خايفة أنام لوحدي. ممكن أفضل معاك؟"

وافق ياسر، لكنه ظل مستيقظاً. أخرج الكتاب مرة أخرى ليقرأه بدقة. لاحظ شيئاً لم يلحظه من قبل.
الخط في الكتاب.. يتغير.
القصص القديمة مكتوبة بخطوط مختلفة. وكأن "الناجي" هو من يكتب قصة نجاته في النهاية.
وفجأة، ظهرت جملة جديدة في الصفحة الأخيرة، كأن حبراً سرياً يظهر بالنار:
"هلموت يمتلك سكيناً. سارة تمتلك سماً. وأنت تمتلك الخوف."

سمع ياسر صوت خطوات ثقيلة في الممر. خطوات تعرج (هلموت يعرج قليلاً).
نظر لسارة التي كانت تتظاهر بالنوم. رأى يدها تحت الوسادة تقبض على شيء ما.
زجاجة صغيرة؟ سم؟
تذكر ياسر الشاي.. الشيخ منصور شرب الشاي الذي أعدته سارة!
هلموت ليس القاتل.. سارة هي القاتلة! وهي الآن تنتظر نومه لتقتله وتكون "الناجية الوحيدة".

قرر ياسر أن يلعب اللعبة.
تظاهر بالنوم العميق، وبدأ يشخر بصوت عالٍ.
فتحت سارة عينيها ببطء. نظرت إليه بابتسامة شيطانية باردة، لا تشبه براءتها السابقة.
أخرجت زجاجة صغيرة، وقرنتها بمنديل، واقتربت من وجه ياسر لتكتم أنفاسه.
في اللحظة التي لمست فيها وجهه، انتفض ياسر وأمسك معصمها بقوة.
"مش المرة دي يا سارة!"

صرخت سارة وحاولت طعنه بدبوس شعر حاد أخرجته من جيبها (سلاح احتياطي).
دار صراع عنيف. سارة كانت قوية بشكل غير متوقع، وكأن شيطاناً يسكنها.
في غمرة الصراع، دُفع ياسر للخلف واصطدم بالطاولة التي عليها الكتاب.
سقط الكتاب وانفتح.
وفي تلك اللحظة، اقتحم "هلموت" الغرفة ممسكاً بساطور صدئ من المطبخ.
"ابتعد عنها!" صرخ هلموت وهجم.. ليس على سارة، بل على ياسر!

أدرك ياسر الحقيقة المرعبة.
هلموت وسارة شريكان! أو ربما الكتاب يتلاعب بالجميع ليقتلوا بعضهم.
تفادى ياسر ضربة الساطور، ودفع هلموت بقوة نحو سارة. اصطدم الاثنان وسقطا بجوار المدفأة المشتعلة.
انسكب الزيت من الفانوس المكسور، وامتدت النار لملابس سارة وهلموت وللسجاد القديم.
اشتعلت الغرفة في ثوانٍ.

ركض ياسر خارج الغرفة، وأغلق الباب عليهما من الخارج بالمفتاح، متجاهلاً صراخاتهما التي تخلع القلب.
ركض في الممرات المظلمة، والنار تلتهم الفندق الطيني الجاف بسرعة رهيبة.
وصل للباب الرئيسي.. مغلق! العاصفة كدست الرمال خلفه، أو أن الشيخ منصور كان قد أغلقه قبل موته.
بحث عن مخرج آخر. تذكر نافذة المخزن الخلفي.
زحف وسط الدخان والاختناق حتى وصل للنافذة الصغيرة.
حشر جسده وخرج بصعوبة بالغة، ليسقط على الرمال الناعمة في الخارج، والعاصفة تضربه.

استلقى ياسر يلهث، يشاهد الفندق يتحول لكتلة من اللهب في قلب الصحراء المظلمة.
نجا. هو الناجي الوحيد.
تحسس جيبه.. وجد الكتاب!
كيف؟ هو تركه في الغرفة المشتعلة!
أخرج الكتاب وفتحه على ضوء الحريق.
اختفت كل الأسماء القديمة. واختفت أسماء سارة وهلموت ومنصور.
لم يبقَ في الكتاب سوى سطر واحد جديد في الصفحة الأولى، بخط يد ياسر نفسه (رغم أنه لم يكتب شيئاً):

"الناجي رقم 113: ياسر.
الطريقة: الحريق.
الجائزة: أنت الآن المؤلف الجديد للكتاب. انتظر الضحايا القادمين."

صرخ ياسر وألقى الكتاب في النار المشتعلة أمامه.
لكن الكتاب لم يحترق.
بل انفتحت صفحاته في قلب النار، وبدا وكأنه يضحك بصوت فرقعة الخشب.
أدرك ياسر وقتها أن "النجاة الفردية" لم تكن نجاة من الموت.. بل كانت حكماً مؤبداً بأن يحمل لعنة الكتاب للأبد، وأن يصبح هو "الشيخ منصور" الجديد، ينتظر ضيوفاً جدداً في فندق آخر، ليلعب معهم لعبة الموت.

للكاتب / هيتشكوك مصر
اهداء الى الكاتب الكبير واﻻعلامى العظيم=ابراهيم عيسي 
اهداء للكاتبه الكبيره فريده الحلوانى ومتابعيها
اشترك من هنا قصص لك الروايه اليوميه تابعنا اضغط من هنا👇

👇
👈👉
  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
طريقه نت

إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق