تاج روايه ظل ثالث في المرآة

القائمة الرئيسية

الصفحات

روايه ظل ثالث في المرآة


روايه ظل ثالث في المرآة

كانت فيلا "عزت"، رجل الأعمال الستيني المتقاعد، تقع في بقعة منعزلة على الطريق الصحراوي، محاطة بأسوار عالية وأشجار نخيل كثيفة تحجبها عن العيون. عزت كان رجلاً دقيقاً، مهوساً بالنظام والسيطرة، وكان يمتلك كل شيء: المال، السلطة، وزوجة شابة فاتنة تدعى "جيهان".

third-shadow-in-the-mirror
روايه ظل ثالث في المرآة


روايات اخرى

جيهان، التي تصغره بثلاثين عاماً، كانت تبدو للجميع كالزهرة في قفص ذهبي. جميلة، هادئة، ومطيعة. لكن عزت، بعين الصقر التي لا تغفل شيئاً، بدأ يلاحظ التغييرات الدقيقة. العطر الجديد الذي بدأت تضعه، الشرود الطويل وهي تنظر لهاتفها، والابتسامات الخفية التي ترتسم على شفتيها بلا سبب واضح.
استأجر عزت محققاً خاصاً، وجاءت النتيجة كما توقع: جيهان تخونه. والعشيق ليس غريباً، إنه "ماجد"، مدرب التنس الشاب في النادي، الوسيم والمفلس.

لم يواجه عزت زوجته. المواجهة للأغبياء. عزت يخطط.
قرر عزت أن يتخلص منهما معاً، وبضربة واحدة، ودون أن يلوث يديه بقطرة دم. الخطة كانت عبقرية في بساطتها الشيطانية.
دعا "ماجد" إلى الفيلا بحجة رغبته في بناء ملعب تنس خاص وتعيينه مشرفاً عليه براتب خيالي. الطمع أعمى ماجد، فوافق فوراً.
طريقه نت موسوعه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
موسوعه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي المجانيه


في ليلة شتوية عاصفة، وصل ماجد بسيارته القديمة. استقبله عزت بحفاوة في المكتب الفخم.
"تفضل يا كابتن ماجد. جيهان خرجت للتسوق وستعود قريباً."
قدم له عزت مشروباً، وبدأ يتحدث عن تفاصيل المشروع الوهمي. ثم استأذن ليحضر المخططات من الخزنة في الطابق العلوي.
لكن عزت لم يذهب للطابق العلوي. تسلل من الباب الخلفي للمكتب، وقطع التيار الكهربائي عن الفيلا بالكامل.
غرق المكان في ظلام دامس.

كانت خطة عزت كالتالي:
سيقوم بارتداء قفازات، ويتسلل عائداً للمكتب في الظلام، ويطلق النار على ماجد باستخدام مسدس جيهان الشخصي (الذي سرقه من حقيبتها). ثم سيترك المسدس بجوار ماجد، ويتصل بالشرطة مدعياً أنه عاد للبيت ووجد زوجته وعشيقها وقد قتلا بعضهما، أو أن ماجد هجم عليهما فأطلق عزت النار دفاعاً عن النفس. السيناريوهات كثيرة، وكلها تبرئه.

عاد عزت للمكتب بحذر، ممسكاً بالمسدس. ضوء البرق الخاطف أضاء الغرفة لثانية. رأى خيال ماجد جالساً على الكرسي، ظهره للباب.
رفع عزت المسدس. يده لم ترتجف. ضغط الزناد.
بانغ!
سقط ماجد للأمام بصمت.

أعاد عزت التيار الكهربائي بسرعة، واتصل بالشرطة فوراً بصوت ملهوف ومذعور: "ألو! النجدة! حرامي في بيتي.. ضربت نار!"
ثم جلس ينتظر، وهو يرتشف كأساً من الماء ليهدئ أعصابه، ويتأمل الجثة ببرود. "وداعاً يا كابتن، وقريباً جيهان ستلحق بك بتهمة التحريض."

وصلت الشرطة، ومعهم وكيل النيابة "طارق"، شاب ذكي ذو نظرة ثاقبة.
وجدوا ماجد مقتولاً، وعزت يمثل دور الضحية ببراعة.
"كنت في الحمام يا بيه، النور قطع، سمعت حركة غريبة في المكتب، جبت مسدسي ودخلت، شفت خيال واحد ماسك حديدة، ضربت نار في الضلمة عشان أحمي نفسي."

بدا كل شيء كدفاع شرعي عن النفس ضد متسلل. لكن المحقق طارق لاحظ شيئاً غريباً.
نظر إلى جثة ماجد، ثم نظر إلى عزت.
"يا عزت بيه.. أنت بتقول إنك ضربت النار في الضلمة؟"
"أيوه يا فندم، مكنتش شايف حاجة."
"طيب، الرصاصة دخلت في منتصف رأس الضحية من الخلف بدقة متناهية. كأنك قناص."

في تلك اللحظة، دخلت "جيهان". كانت عائدة من الخارج، تحمل أكياس تسوق. عندما رأت الشرطة والجثة، صرخت وانهارت.
راقبها عزت بشماتة خفية. "تمثيليتك انتهت يا هانم،" فكر في نفسه.

أخذ طارق جيهان جانباً ليهدئها ويسألها. ثم عاد لعزت ومعه دليل جديد.
"يا عزت بيه، جيهان هانم بتقول إن مسدسها الشخصي كان معاها في الشنطة طول الوقت، وإنها لسه شارياه ومرخصاه جديد ومضربتش بيه ولا طلقة."
أخرجت جيهان المسدس من حقيبتها وسلمته للضابط. المسدس كان كاملاً، ومخزنه ممتلئ.

شحب وجه عزت. هو استخدم "نسخة" من مسدس جيهان كان قد اشتراها سراً ليورطها، معتقداً أن مسدسها الأصلي في البيت. لم يحسب حساب أنها أخذته معها.
قال عزت بسرعة: "آه.. صحيح.. أنا استخدمت مسدسي أنا القديم، مش مسدسها. التوتر نسّاني."

ابتسم طارق بمكر: "مسدسك القديم؟ تمام. أين هو؟"
أشار عزت للمسدس الملقى على المكتب (أداة الجريمة).
فحصه طارق وقال: "غريبة.. المسدس ده (بربيلوم 9 مم). والرصاصة اللي في راس القتيل (عيار 38). المسدس اللي على المكتب ده مضربش نار النهاردة أصلاً."

اتسعت عينا عزت رعباً. نظر للمسدس. هذا ليس المسدس الذي استخدمه! هو وضع المسدس (أداة الجريمة) على المكتب. كيف تبدل؟
نظر عزت إلى جيهان. كانت تبكي، لكن عينيها من خلف المنديل كانت تلمعان بنظرة باردة.. نظرة انتصار.

فجأة، فهم عزت كل شيء. الفخ لم يكن لماجد. الفخ كان له هو.
جيهان وماجد كانا يعرفان أنه كشفهما. وكانا يعرفان أنه يخطط لشيء ما.
اتفقا سوياً. ماجد جاء ليكون "الطعم". كان يرتدي سترة واقية من الرصاص تحت قميصه (وهو ما لم يلاحظه عزت في الظلام). والرصاصة التي أطلقها عزت لم تكن حقيقية، بل كانت "فشينك" (صوتية) قام ماجد بتبديلها في مسدس عزت عندما تركه عزت وحده في المكتب وذهب لقطع الكهرباء.
وماجد لم يمت. هو تظاهر بالموت.
ولكن.. الرصاصة في رأس ماجد حقيقية! والدماء حقيقية!

نظر طارق إلى عزت وقال ببرود: "التقرير المبدئي بيقول إن ماجد اتقتل برصاصة من مسدس مزود بكاتم صوت، ومن مسافة قريبة جداً.. ومن زاوية (جانبية)، مش من الخلف زي ما حضرتك واقف."
استدار طارق ونظر للمرآة الكبيرة المعلقة في المكتب.
"فيه حد تاني كان في الأوضة دي يا عزت بيه."

نعم. كان هناك "ظل ثالث".
بينما كان عزت يتسلل في الظلام لقتل ماجد، كانت "جيهان" قد عادت وتسللت هي الأخرى من باب الحديقة. اختبأت خلف الستارة الثقيلة.
عندما أطلق عزت رصاصته (التي كانت فشينك دون علمه)، قام ماجد بالسقوط تمثيلاً حسب خطته مع جيهان لابتزاز عزت لاحقاً.
لكن في تلك اللحظة، خرجت جيهان من مخبئها، وبيدها مسدس بكاتم صوت، وأطلقت رصاصة حقيقية على رأس عشيقها "ماجد" وهو ساقط على الأرض.
قتلت عشيقها لتتخلص منه، ولتورط زوجها في جريمة قتل حقيقية. ضربت عصفورين بحجر واحد. تخلصت من العشيق المبتز، والزوج المتحكم، وستحصل على الميراث كله.

وقفت جيهان الآن تمسح دموعها المزيفة، وقالت بصوت بريء: "عزت.. ليه قتلت المسكين؟ كان ممكن تطلب له البوليس لو كان حرامي."
صرخ عزت: "أنتِ! أنتِ اللي قتلتيه! أنا ضربت طلقة واحدة! هي كانت هنا!"
قال طارق بهدوء: "يا عزت بيه، مفيش حد غيرك وماجد كان في الأوضة لما النور قطع. وبصماتك على المسدس اللي ضرب، والبارود على إيدك."
(جيهان كانت ترتدي قفازات، وقامت بمسح مسدسها وأخفته في الحديقة قبل دخول الشرطة).

تم القبض على عزت، وهو يصرخ كالمجنون: "اسألوا المرايا! كان فيه ظل تالت! هي الشيطانة!"
بينما وقفت جيهان تراقب سيارة الشرطة تبتعد، وابتسامة غامضة ترتسم على شفتيها.
عزت خطط للجريمة الكاملة.. لكنه نسي أن المرأة التي تخون زوجها بذكاء، يمكنها أن تخون عشيقها بذكاء أكبر.
وفي تلك الليلة، نامت جيهان وحيدة في الفيلا الكبيرة، سيدة القصر بلا منازع، بينما كان "ماجد" يرقد في المشرحة، و"عزت" يرقد في الزنزانة، ضحيتين لامرأة وجهها ملائكي، وقلبها كصحراء الطريق الذي تسكن عليه.. قاحل ومميت.
للكاتب / هيتشكوك مصر
اهداء الى الكاتب الكبير واﻻعلامى العظيم=ابراهيم عيسي 
اهداء للكاتبه الكبيره فريده الحلوانى ومتابعيها
اشترك من هنا قصص لك الروايه اليوميه تابعنا اضغط من هنا👇
👇

👈👉
  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
طريقه نت

إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق