اهداء الى الكاتب الكبير واﻻعلامى العظيم=ابراهيم عيسي
اهداء للكاتبه الكبيره فريده الحلوانى ومتابعيها
الخنجر الذي لم يلمسه أحد
كانت ليلة رمضانية صاخبة في خان الخليلي. الفوانيس الملونة تتدلى من كل مكان، وروائح البخور والمسك والبهارات تملأ الجو. السياح والمصريون يتزاحمون في الأزقة الضيقة، وأصوات البائعين تتعالى: "تعال يا خواجة! انتيكات أصلية!".
في زقاق جانبي ضيق وهادئ نسبياً، يقع محل "البارون للتحف"، وهو محل صغير ولكنه مشهور بين هواة المقتنيات النادرة. صاحبه، الحاج "عبد الرحيم"، رجل ستيني وقور، معروف بأمانته وخبرته.
في تلك الليلة، دخل المحل زبون غريب. رجل أجنبي، طويل القامة، يرتدي بدلة بيضاء وقبعة "بنما"، وعيناه زرقاوان باردتان.
"مساء الخير،" قال بلكنة أجنبية ثقيلة. "أبحث عن خنجر مملوكي.. خنجر السلطان الغوري تحديداً."
نظر الحاج عبد الرحيم للرجل بشك: "ده قطعة متحفية يا خواجة.. مش للبيع."
ابتسم الرجل وأخرج حقيبة جلدية صغيرة، فتحها لتكشف عن رزم من الدولارات. "كل شيء له ثمن يا حاج. وأنا أعرف أنك تملكه."
كان الحاج عبد الرحيم يملك الخنجر فعلاً، ولكنه كان مخفياً في خزانة سرية خلف لوحة قرآنية. كان إرثاً عائلياً لا ينوي بيعه.
"آسف يا خواجة. معلومتك غلط."
تغيرت نظرة الرجل، وأصبحت حادة كحد السيف. "فكر كويس يا حاج. سأعود بعد ساعة."
خرج الرجل، وترك الحاج عبد الرحيم قلقاً. أحس بقلبه ينقبض. نادى على "سعيد"، صبيه الشاب الأمين: "يا سعيد.. خلي عينك على المحل، أنا طالع أصلي العشاء في الحسين وأرجع فوراً. ولو الخواجة ده رجع، قوله الحاج مش هنا."
خرج الحاج.
مرت نصف ساعة.
عاد الحاج عبد الرحيم ليجد باب المحل مفتوحاً، والهدوء مريباً.
دخل.. وشهق من هول الصدمة.
"سعيد!"
والخزانة السرية مفتوحة وفارغة.
تجمع الناس والشرطة بسرعة. وكيل النيابة "عمر" وصل للمعاينة.
المشهد كان واضحاً: سرقة بالإكراه تحولت لقتل. القاتل أجبر سعيد على فتح الخزنة (ربما كان سعيد يعرف مكانها)، ثم قتله بالخنجر المسروق وهرب.
لكن الحاج عبد الرحيم، وهو يبكي على صبيه الذي يعتبره كابنه، قال للمحقق: "سعيد ميعرفش مكان الخزنة يا بيه! ومحدش يعرف يفتحها غيري أنا.. أو حد معاه المفتاح اللي في جيبي ده!" وأخرج المفتاح من جيبه.
سأل المحقق: "طيب الخزنة اتفتحت إزاي؟ مفيش آثار كسر!"
هنا تكمن المعضلة. كيف فتح القاتل خزنة سرية لا يعرف مكانها ولا يملك مفتاحها، وقتل سعيد بنفس الخنجر الذي كان بداخلها؟
بدأ "عمر" يفحص المحل بدقة. لاحظ شيئاً غريباً.
على رف زجاجي مواجه للخزنة، كانت هناك مرآة قديمة مائلة قليلاً.
وعلى الأرض، بجوار جثة سعيد، كان هناك "قلم ليزر" صغير (لعبة أطفال) مكسور.
فكر عمر.. واسترجع مشهد الزحام في الخارج.
"يا حاج عبد الرحيم.. مين كان يعرف بوجود الخنجر غيرك؟"
"محدش.. غير تاجر منافس اسمه (المعلم حسان) كان نفسه يشتريه مني بأي تمن وعرضت عليه ورفضت."
استدعى عمر المعلم حسان، والخواجة الأجنبي (الذي تم القبض عليه في المطار وهو يحاول المغادرة).
المعلم حسان أنكر أيضاً: "أنا كنت في قهوة الفيشاوي بشرب شاي، واسألوا الناس."
لكن عمر كان لديه نظرية أخرى. نظرية "هيتشكوكية" تعتمد على الخداع البصري.
واجه الحاج عبد الرحيم: "يا حاج.. أنت متأكد إن الخنجر كان في الخزنة لما الخواجة دخل؟"
"أيوه طبعاً."
"لا يا حاج.. الخنجر مكنش في الخزنة. الخنجر كان (بره) الخزنة."
الجميع ذهلوا.
شرح عمر: "القاتل شخص ذكي جداً. هو المعلم حسان فعلاً. لكنه لم يدخل المحل وقت الجريمة. هو استخدم (سعيد) كأداة دون علمه."
كيف؟
المعلم حسان كان يعرف أن الخواجة سيأتي (ربما هو من أرسله). استغل فرصة خروج الحاج للصلاة، ودخل المحل بحجة الدردشة مع سعيد.
وأثناء حديثه، غافل سعيد ووضع "مغناطيس قوي جداً" خلف اللوحة التي تخفي الخزنة (وهي لوحة خشبية رقيقة).
وكان قد استبدل الخنجر الأصلي بخنجر "مقلد" قبل أيام (بمساعدة خائن ما، ربما عامل نظافة).
الخنجر الذي قتل سعيد هو الخنجر "المقلد".
لكن.. كيف مات سعيد؟
"سعيد مات بالخطأ،" قال عمر بحزن. "المعلم حسان لما حط المغناطيس، كان عايز يفتح الخزنة بطريقة معينة عشان يسرقها بعدين. لكن سعيد لاحظ حركة غريبة في اللوحة. ولما قرب يفحصها.. وقعت اللوحة، والخنجر (المقلد) اللي كان حسان سنده بطريقة غير ثابتة عشان يوهم الحاج إنه جوه الخزنة.. وقع."
وقع الخنجر من ارتفاع، وبسوء حظ عاثر، انغرس في صدر سعيد الذي كان منحنياً ليرفع شيئاً من الأرض (قلم الليزر الذي ربما استخدمه حسان لإلهاءه).
"دي كانت سرقة اتحولت لقتل خطأ نتيجة طمع وغباء،" ختم عمر كلامه.
فتشوا دكان المعلم حسان، ووجدوا الخنجر الأصلي مخفياً في شوال أرز.
انهار حسان واعترف: "مكونتش عايز أقتله! كنت عايز أسرق الخنجر وأبدله بالمقلد والحاج ميحسش! سعيد هو اللي اتحرك غلط!"
وقف الحاج عبد الرحيم ينظر للخنجر الملعون، وقال بأسى: "التحف بتعيش مئات السنين.. والبني آدمين بيموتوا بسببها في لحظة. الله يرحمك يا سعيد.. دفعت تمن طمع غيرك."
أغلق الحاج دكانه في تلك الليلة، وقرر أن يهدي الخنجر للمتحف الإسلامي في الصباح. لأن بعض الأشياء.. مكانها التاريخ، مش جيوب الطماعين.
للكاتب / هيتشكوك مصر
اهداء الى الكاتب الكبير واﻻعلامى العظيم=ابراهيم عيسي
اهداء للكاتبه الكبيره فريده الحلوانى ومتابعيها
بوك سيلر
اشترك من هنا قصص لك الروايه اليوميه تابعنا اضغط من هنا👇
عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق
تعليقات: (0) إضافة تعليق